Español

المسيرة الخضراء

ملفات خاصة

 

المسيرة الخضراء، صفحة مشرقة في كفاح المغرب من أجل استقلاله ووحدته الترابية


    لقد هبت جماهير المتطوعين من كل فئات وشرائح المجتمع المغربي ومن سائر ربوع الوطن في سادس نونبر سنة1975 بنظام وانتظام لتسير في اتجاه واحد صوب الأقاليم الصحراوية لتحريرها من الاحتلال الاسباني بقوة الإيمان وبأسلوب حضاري سلمي فريد من نوعه أظهر للعالم أجمع صمود المغاربة وإرادتهم الراسخة في استرجاع حقهم المسلوب ونضالهم من أجل إنهاء الوجود الاستعماري بالإيمان والعزيمة والحكمة حيث حققت المسيرة الخضراء أهدافها وحطمت الحدود الوهمية المصطنعة بين أبناء الوطن الواحد سلاحها كتاب الله الكريم والعلم الوطني ووازعها وحافزها التمسك بالفضيلة والمثل العليا وبقيم السلم والسلام في الدفاع عن حرمة التراب الوطني والذود عن حمى الوطن الواحد الذي جسدته عبقرية ملك مجاهد وشهامة شعب أبي من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب من أجل استكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية.

وآمن المغاربة بعدالة قضيتهم وانخرطوا عن طواعية في مسيرة تاريخية للدفاع عن مقدساتهم الدينية والوطنية تحدوهم الإرادة القوية والعزم الوطيد لتحقيق وحدتهم التي أصر الاستعمار بكل أساليبه على النيل منها.
ويشهد للمغرب ملكا وشعبا عبر التاريخ بنضالاته المريرة وملاحمه البطولية في مواجهة الاستعمار الذي لم يدخر جهدا لبسط نفوذه وهيمنته على التراب الوطني قرابة نصف قرن فقسم البلاد إلى مناطق نفوذ موزعة بين الحماية الفرنسية بوسط المغرب والحماية الاسبانية بشماله وجنوبه فيما خضعت منطقة طنجة لنظام دولي وهذا ما جعل مهمة تحرير التراب الوطني صعبة وعسيرة قدم العرش والشعب في سبيلها كل غال ونفيس في سياق كفاح وطني عالي المقاصد متلاحق المراحل طويل النفس ومميز الصيغ لتحقيق الحرية والاستقلال والوحدة والسيادة الوطنية.
ومن الصفحات المشرقة في سجل التاريخ النضالي والأمجاد الوطنية يجدر الوقوف عند روائع ومنارات وضاءة على درب التحرير.فمن الانتفاضات الشعبية كحركة الشيخ أحمد الهيبة بالجنوب سنة1912 إلى معركة الهري بالأطلس المتوسط سنة1914 إلى معارك أنوال بالريف سنة1921 إلى معارك بوغافر بمنطقة ورزازات ومعارك جبل بادو بالرشيدية سنة1933 وغيرها من المحطات التاريخية الطافحة بالمواجهات والمقاومات ضد المحتل الأجنبي .
كما اتخذت أشكال وأساليب عدة للنضال السياسي كمناهضة ظهير التمييز بين أبناء الوطن الواحد والتفريق بين العرب والبربر سنة1930 وتقديم مطالب الشعب المغربي الإصلاحية والمستعجلة في1934 و1936 , فتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال في11 يناير1944 وهي مراحل جاهد بطل التحرير جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه لبلورة توجهاتها وأهدافها ورسم معالمها وإذكاء إشعاعها منذ توليه عرش أسلافه المنعمين في18 نونبر1927 , حيث جسد الملك المجاهد قناعة شعبه في التحرير وإرادته في الاستقلال ومثل بنضاله المستميت وتضحياته الجسام رمزا للمقاومة والفداء ووقف معلنا ومجددا مطالب المغرب في الحرية والاستقلال ومؤكدا انتماءه العربي الإسلامي في خطاب طنجة التاريخي في9 أبريل1947 مؤكدا العزم على إنهاء الوجود الاستعماري وتمسك المغرب بمقوماته الأصيلة وثوابته العريقة.
وستتواصل وستتعزز هذه المواقف الرائدة والوازنة بمبادرات وتوجهات جلالته رضوان الله عليه في التصدي لكل أشكال الهيمنة الاستعمارية ومحاولات طمس الهوية الوطنية وإدماج المغرب فيما سمي بالاتحاد الفرنسي, وبلغ التحدي بسلطات الإقامة العامة الفرنسية حد الاقدام على مؤامرتها الشنيعة وفعلتها النكراء بنفي بطل التحرير جلالة المغفور له محمد الخامس ورفيقه في الكفاح جلالة المغفور له الحسن الثاني رضوان الله عليهما والأسرة الملكية الشريفة في20 غشت1953 اعتقادا منها بأنها بهذا الاعتداء الجائر ستفك الميثاق التاريخي بين الحركة الوطنية ورائدها وستفصل بين العرش والشعب وتخمد جذوة الكفاح المتقد والمتوهج . إلا أن تداعيات هذه المؤامرة لم تزد السلطان الشرعي إلا صمودا وتمسكا بالدفاع عن مقدسات وطنه ولم تزد المغاربة إلا قوة في النضال وتفجير طاقاتهم الثورية من أجل عودة الشرعية ورجوع الملك المجاهد وأسرته الكريمة من المنفى وإعلان الاستقلال.وهو ما تحقق في16 نونبر1955 بعودة الشرعية ورجوع بطل التحرير جلالة المغفور له محمد الخامس والأسرة الملكية الشريفة من المنفى إلى أرض الوطن مظفرا منصورا حاملا لواء الحرية والاستقلال وهي المحطة التاريخية التي يخلد الشعب المغربي من أقصاه بعد أيام ذكرها الحادية والخمسين في أجواء غامرة بالاعتزاز والإكبار والوفاء والبرور بقائدها الخالد بطل التحرير وبأمجاد عيد الاستقلال .
لم يكن انتهاء عهد الحجر والحماية وبزوغ فجر الحرية والاستقلال إلا بداية لملحمة الجهاد الأكبر لبناء صروح المغرب الجديد الذي كان من أولى قضاياه ومهماته الأساسية تحرير ما تبقى من التراب الوطني من نير الاحتلال والنفوذ الأجنبي.
وفي هذا المضمار تواصلت مسيرة الكفاح الوطني وكان انطلاق طلائع وقوات جيش التحرير بالجنوب المغربي سنة1956 تعبيرا قويا يجسد إرادة العرش والشعب في استكمال الاستقلال وتحقيق الوحدة الترابية.
وهكذا خاض أبناء القبائل الصحراوية وإخوانهم المجاهدون الوافدون من كافة الجهات والمناطق المحررة غمار عدة معارك بطولية على امتداد ربوع الساقية الحمراء ووادي الذهب.واكتسح أبطال جيش التحرير الربوع المجاهدة في الأجزاء المغتصبة من التراب الوطني بالأقاليم الصحراوية ليحققوا ملاحم بطولية وانتصارات باهرة لم تجد القوات الاسبانية أمامها إلا أن تتحالف مع القوات الفرنسية في ما سمي بعملية إيكوفيون.
وتواصلت مسيرة التحرير المباركة على كافة الواجهات الوطنية وفي المحافل الدبلوماسية الدولية وظل الملك المجاهد جلالة المغفور له محمد الخامس رضوان الله عليه يجاهر بحق المغرب في تحرير صحرائه ومن ذلك خطابه التاريخي بمحاميد الغزلان في 25 فبراير1958 حيث استقبل جلالته مجددا وفود وممثلي وأعيان قبائل الصحراء الذين هبوا رغم الحصار المضروب على مناطقهم للقاء الملك المجاهد وتجديد البيعة له وتأكيد تجندهم دفاعا عن مقوماتهم وهويتهم الوطنية.

وقد عرفت سنة1958 كسب رهان من رهانات مسيرة استكمال الوحدة الترابية تمثل في استرجاع منطقة طرفاية.
وواصل المغرب بقيادة جلالة المغفور له الحسن الثاني مسيرة التحرير بكل عزم وإيمان.وتمكنت بلادنا بفضل الالتحام الوثيق بين العرش والشعب من استعادة مدينة سيدي إفني في30 يونيه1969 وتكللت المساعي والتحركات النضالية بالمسيرة التاريخية الكبرى مسيرة فتح المظفرة في6 نونير1975 التي جسدت متانة التعبئة الوطنية وعمق الإيمان دفاعا عن المقدسات الدينية والوطنية وعبقرية ملك استطاع بحكمته وحنكته وبعد نظره أن يحقق استرجاع الأجزاء المغتصبة من الوطن.
وهكذا سارت مواكب المتطوعين والمتطوعات لتحطيم الحدود الوهمية وصلة الرحم بأبناء الوطن وكان النصر حليف الإرادة الوطنية للمغاربة من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب لترتفع راية الوطن خفاقة في سماء العيون في28 فبراير1976 إيذانا بجلاء آخر جندي أجنبي عن الصحراء المغربية.
وكذلك كان يم14 غشت1979 الذي تم فيه استرجاع إقليم وادي الذهب إلى حظيرة الوطن محطة بارزة وحاسمة في مسلسل ملحمة الوحدة الوطنية وإنهاء فترة من التقسيم والتجزئة التي عانى منها طويلا أبناء الوطن الواحد.
لقد تواصلت ملحمة صيانة الوحدة الترابية بكل عزم وإصرار لإحباط مناورات ومخططات خصوم وحدتنا الترابية التي لم تزدها إلا رسوخا ووثوقا وتعبئة شاملة ومستمرة لمواجهة كل التحديات الخارجية والتصدي لكل المؤامرات الانفصالية. وها هو المغرب اليوم بقيادة رائده الهمام باعث النهضة المغربية جلالة الملك محمد السادس يقف صامدا في الدفاع عن حقوقه الراسخة وتثبيت مكاسبه الوطنية مبرهنا بإجماعه الوطني عن استماتته في صيانة وحدته الثابتة ومؤكدا للعالم أجمع من خلال مواقفه الحكيمة والمتبصرة إرادته القوية وتجنده التام دفاعا عن مغربية صحرائه وعمله الجاد والمتبصر لإنهاء كل أسباب النزاعات المفتعلة وحرصه الصادق على تقوية أواصر الإخاء والتعاون وحسن الجوار بالمنطقة خدمة لمصالح شعوبها وتعزيزا لاتحادها واستشراقا لآفاق مستقبلها المنشود.
إن المغرب الذي ناضل بكل إيمان مسترخصا أغلى التضحيات من أجل الذود عن كيانه وهويته , سيظل يقظا صامدا في وجه كل التيارات المعادية مدافعا بالحجة والبرهان تثبيتا لحقه ومجندا لدحض كل الأباطيل والافتراءات والأطماع العدوانية مؤمنا في الوقت نفسه بقيم السلام والحوار وحسن الجوار ومساهما من أجل انجاز المطامح المشروعة للشعوب المغاربية وتطلعاتها إلى الاتحاد والتكامل في العالم المعولم الذي لا مكان فيه للكيانات الضعيفة والأقطار غير المتكتلة.
وقد أظهر المغرب الدليل تلو الدليل على حسن نواياه وصدق إرادته وصفاء طويته في إنهاء النزاع المفتعل حول الأقاليم الصحراوية المغربية بكل حكمة وتبصر وبعد نظر , وعبر بالواضح عن توجهاته البناءة ومساعيه الحثيثة لخلق وإذكاء روح الإخاء والتضامن والتعاون.
وسيظل المغرب متشبعا بهذه الروح الإنسانية ومكارم الأخلاق والمثل العليا مجندا على الدوام تحت القيادة الحكيمة لباعث النهضة المغربية جلالة الملك محمد السادس فاعلا ومناضلا من أجل تحقيق المقاصد السامية والأهداف النبيلة ومجندا بإجماعه الوطني وبكل قواه لوحدته وسيادته الوطنية.

فالصحراء مغربية وستبقى مغربية والمغرب قوي بمشروعية حقه وبعدالة قضيته وبالتفاف المغاربة أجمعين من طنجة إلى الكويرة وتشبثهم بقيم ومسلكيات الوطنية الحقة والمواطنة الايجابية شعارهم الخالد الله الوطن الملك .
وفي غمرة أجواء تخليد الذكرى31 للمسيرة الخضراء المظفرة تجدد أسرة المقاومة وجيش التحرير وقوفها وتعبئتها وراء القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس لمواصلة السير قدما على درب الملاحم والمكارم لتثبيت وحدتنا الترابية والاستعداد الدائم والموصول لبذل كل التضحيات في سبيلها.

بقية الملف

إذاعة العيون  FM: 91,1 Mhz    MW: 711 Khz ص.ب. 459  العيون    الهاتف 64/58 33 89 28 212 فاكس 62 33 89 28 212