Español

ملفات إخبارية

 

 


نقاط التلاقي بين تصريح السيد فان والسوم والمقاربة المغربية.

يكتسي تصريح المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في الصحراء السيد فان فالسوم,أهمية بالغة ,نظرا لما أتى به من إيضاحات جوهرية تتعلق بالجوانب القانونية للملف, وما أبرزه من أبعاد حقيقية للخلاف ومعطيات ورهانات جيوسياسية إقليمية مرتبطة به. وتأتي أهمية هذا التصريح , لكونه صادر عن المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة الذي يعد أحد أكبر العارفين بالمنظومة الأممية (إذ كان مندوبا دائما سابقا لهولندا لدى الأمم المتحدة, ورئيسا سابقا لمجلس الأمن, وهو المنصب الذي قام في إطاره بتدبير ملفات معقدة كملف تيمور الشرقية) ومسؤولا محايدا يشهد له بقوة الشخصية والصراحة .
ويعد السيد فان والسوم مصدرا مسؤولا وصوتا مسموعا, انخرط بشكل خاص, منذ ما يناهز السنتين, في تدبير ملف الصحراء الذي يلم بأدق تفاصليه.
وفي هذا الصدد, يمكن استنباط خمسة محاور رئيسية للتحليل الذي قام به السيد فان والسوم في هذا الشأن, من ضمنها : التمييز بين المبادرة المغربية والمقترح المزعوم للبوليساريو لدى التعاطي معهما.
فقد سبق للمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة أن أكد بأن المبادرة المغربية جاءت ثمرة لمسلسل سياسي طويل ولمشاورات واسعة تمت على الصعيدين الوطني والدولي ويعترف ضمنيا بأن المقترح المزعوم للبوليساريو ليس إلا مناورة تكتيكية أعدت في آخر ساعة, وذلك خلافا للمبادرة المغربية, إذ كان لهذا المقترح وقع المفاجأة(....) ذلك أنه لم تجر إحاطة السيد والسوم علما, حسب تصريحه, بأن البوليساريو كان منكبا على إعداد هذا المقترح وضمنيا, يستنتج من هذه التصريحات بأن المقترح المزعوم للبوليساريو لم يأت بجديد يذكر,على اعتبار انه ,حسب السيد فان والسوم, "مقترح يأتي منسجما مع مواقف البوليساريو, وهي مواقف معروفة سلفا". وهذا يعني أن البوليساريو اكتفى فقط بإعادة تناول مخطط بيكر الثاني, علما بأن المجموعة الدولية برمتها قد أعلنت عن كون هذا المخطط لاغيا ومتجاوزا.
ويؤمن السيد فان والسوم إيمانا راسخا بأن التفاوض هو السبيل الوحيد للتوصل إلى حل نهائي, ويحذوه الأمل في أن تستجيب الأطراف لهذا النداء (نداء مجلس الأمن) وأن تعلن استعدادها للدخول في مفاوضات.
فهو يعتبر أن الجدوى من إجراء مفاوضات مباشرة, تكمن في إتاحة الإمكانية أمام الأطراف للعمل بنفسها على تحقيق التوافق في ما بينها.
وتندرج هذه المقاربة ضمن المنهجية المعتمدة من لدن المملكة "التي هي مقتنعة اليوم, كما هو الشأن بالنسبة لباقي أعضاء المجموعة الدولية, بأن حل الخلاف حول الصحراء لن يتأتى إلا بالتفاوض". (الفقرة33 من نص المبادرة المغربية) ويعتبر السيد والسوم أيضا, بأن حسن النوايا والمرونة وروح الانفتاح كلها مقومات تعد شرطا أساسيا لنجاح هذه المفاوضات.
وقد صرح المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في هذا الخصوص أن استعداد الأطراف للتفاوض, مع كل ما قد ينطوي عليه ذلك من قيود, قد يحمل في طياته إمكانيات وفرص للتوصل إلى مخرج للقضية.
وقد صب هذا التصريح في نفس الاتجاه الذي سارت عليه المبادرة المغربية "المفعمة بروح الانفتاح, والرامية إلى توفير الظروف المواتية للشروع في مسلسل للحوار والتفاوض, كفيل بأن يفضي إلى حل سياسي مقبول من جميع الأطراف" (الفقرة7 من نص المبادرة).
وتقع المسؤولية الأولى على عاتق الأطراف التي ينبغي لها العمل بنفسها للنهوض بالحيز الأكبر والأكثر تعقيدا في القضية.وقد سبق للمملكة المغربية أن لبت هذا النداء إذ "انخرطت في دينامية إيجابية وبناءة بالتزامها تقديم مبادرة للتفاوض بشأن نظام للحكم الذاتي لجهة الصحراء..." .
ويعتبر المسعى الذي اعتمده السيد فان والسوم إيذانا بالدخول في مرحلة جديدة في التعاطي مع ملف الصحراء ,على اعتبار أن المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة مقتنع بأنه ليس لمنظمة الأمم المتحدة أن تقترح حلا جاهزا قابلا للاستعمال على الأطراف ,التي لا "يمكن إرغامها على الجلوس حول طاولة على أساس مخطط تدعمه المنظمة". فالأطراف هي الأقرب من الواقع السياسي والأكثر قدرة على توظيف الإرادة السياسية والتصور الخلاق الضروريين لهذا المسار, كما يؤكد ذلك المبعوث الشخصي للأمين العام ومن ثم, فإن السيد فان والسوم يؤكد أن مخطط بيكر الثاني أصبح مستبعدا ولم يعد بأي حال من الأحوال يشكل قاعدة للمفاوضات, بخلاف ما يطالب به المقترح المزعوم للبوليساريو وفي المقابل, فإن المنهجية المغربية تنسجم تماما مع ما جاء في تصريحات السيد فان والسوم, ذلك أن الأمر يتعلق "بمبادرة للتوفيق, مجددة ومسؤولة ومنفتحة" على إسهامات الأطراف الأخرى (رسالة تقديم المبادرة).
من جهة أخرى يستنتج من تصريحات السيد فان والسوم بأن الحكم الذاتي هو نوع من أنواع تقرير المصير ويتولى السيد فان والسوم بادئ ذي بدء, الحسم في الإشكال الحاصل بخصوص المعنى القانوني لمبدأ تقرير المصير, الذي يحصره البعض بكل بساطة في الاستقلال.ويقول السيد والسوم "إنني مع الرأي القائل بأن تقرير المصير لا يعتبر بالضرورة مرادفا للاستقلال". ويشدد المبعوث الشخصي على ذلك عندما يقول " أريد فقط أن أبين أن تقرير المصير لا ينبغي أن يفيد بالضرورة الاستقلال" كما يؤكد المبعوث الشخصي أن المفاوضات هي الوسيلة المناسبة للتعبير عن تقرير المصير,وذلك كيفما كان شكل ومضمون الاتفاق الذي قد ينشأ عن هذه المفاوضات.فهذا الاتفاق, يعتبر في حد ذاته وخارج أي استشارة استفتائية, ممارسة لحق تقرير المصير ومن ناحية أخرى, يبرز السيد فان والسوم المنافع السياسية والاقتصادية والأمنية للحكم الذاتي, مدعما بذلك روح وأهداف مبادرة المملكة المغربية.
ومن بين أهم الخلاصات التي يمكن استنتاجها من تصريحات المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة السيد فان والسوم ,اعتبار الجزائر طرفا متورطا في الخلاف ذلك حيث يؤكد في هذا الصدد " لقد لعبت الجزائر طيلة هذا الملف دورا أساسيا ووازنا, وذلك منذ1975 ".
وفي هذا الصدد, اتخذ السيد فان والسوم موقفا نزيها وشجاعا, مؤكدا بذلك ما كان المغرب يقوله دائما باعتبار الجزائر, رغم إنكارها, مصدر هذا النزاع وسببا في تأبيده, لأسباب تصفها هذه الدولة نفسها بأنها من قبيل مصالحها الجيوستراتيجية.
ويجدر التذكير بأن تورط الجزائر تجلى بكل وضوح على كل المستويات العسكرية والسياسية والدبلوماسية...
ويقول السيد فان والسوم "إذا كان هناك من شيء تعلمته خلال هذه السنة ونصف (كمبعوث شخصي) فهو امتناعي عن محاولة وصف الدور الحقيقي للجزائر التي ما فتئت تؤكد أنها ليست طرفا, "ولكن يمكنني دائما أن أقول, ومن واجبي أن أقول, أنني لن أكون نزيها إذا لم اعتبر أنهم (الجزائريون) لعبوا دورا مهما".
وبذلك يكون السيد فان والسوم قد كشف بصفة ضمنية عن الضغوطات التي تعرض لها من طرف الجزائر بعد أن اعتبرها عن حق "طرفا", في عرضه أمام المجلس بتاريخ18 يناير 2006 . ومنذ ذلك اليوم, أصبحت الجزائر ترفض التعاون مع المبعوث الشخصي واستقباله.
وهو بذلك يؤدي ثمن صراحته ونزاهته وشجاعته.

الثلاثاء 01 ماي 2007

بقية الملفات

 

 

إذاعة العيون  FM: 91,1 Mhz    MW: 711 Khz ص.ب. 459  العيون    الهاتف 64/58 33 89 28 212 فاكس 62 33 89 28 212